كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَنْفُذُ وَلَوْ مِنْ إمَامٍ.
(أَمَانٌ يَضُرُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ.
(الْمُسْلِمِينَ كَجَاسُوسٍ) وَطَلِيعَةِ كُفَّارٍ لِخَبَرِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَسْتَحِقُّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ مِثْلِهِ خِيَانَةٌ، أَمَّا مَا لَا يَضُرُّ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَإِنْ تَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا فِي أَمَانِ الْآحَادِ، أَمَّا أَمَانُ الْإِمَامِ فَشَرْطُهُ الْمَصْلَحَةُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ يُبْطِلُهَا.
(قَوْلُهُ: فِي الذَّكَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَإِنْ تَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ.
(قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ) هِيَ قَوْله تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَتْهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَيْسَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ جَازَ) أَيْ: الْأَمَانُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ) أَيْ: بِمُدَّةٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ) أَيْ الْأَمَانُ عَلَى الْجَائِزِ أَيْ: الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ إلَخْ (قَوْله كَهُوَ فِي الْهُدْنَةِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْهُدْنَةِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشْرِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: الْأَمَانُ) نَائِبُ فَاعِلِ أُطْلِقَ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ) فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عَقْدُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ سم وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَابَهَا أَضْيَقُ) بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْ الْآحَادِ بِخِلَافِ الْأَمَانِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَجُوزُ أَمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ) فَلَوْ آمَنَّا آحَادًا عَلَى طُرُقِ الْغُزَاةِ وَاحْتَجْنَا إلَى حَمْلِ الزَّادِ وَالْعَلَفِ وَلَوْلَا الْأَمَانُ لَأَخَذْنَا أَطْعِمَةَ الْكُفَّارِ لَمْ يَصِحَّ الْأَمَانُ لِلضَّرَرِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كَجَاسُوسٍ) وَفِي مَعْنَى الْجَاسُوسِ مَنْ تَحَمَّلَ سِلَاحًا وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعِينُهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ») أَيْ: لَا يَضُرَّ نَفْسَهُ وَلَا يَضُرَّ غَيْرَهُ فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: الْخِلَافُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا أَمَانُ الْإِمَامِ فَشَرْطُهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ. اهـ. مُغْنِي.
(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ) فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ.
(نَبْذُ الْأَمَانِ) الصَّادِرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(إنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً)؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِنَا أَمَّا مَعَ خَوْفِهَا فَيَنْبِذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَمِّنُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَمَّا الْمُؤَمَّنُ بِفَتْحِهَا فَلَهُ نَبْذُهُ مَتَى شَاءَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ بَطَلَ أَمَانُهُ وَجَبَ تَبْلِيغُهُ الْمَأْمَنَ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ.
(وَلَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ) أَيْ فَرْعُهُ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَزَوْجَتُهُ الْمَوْجُودَانِ.
(بِدَارِ الْحَرْبِ)؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَأْمِينُ ذَاتِهِ مِنْ قَتْلٍ وَرِقٍّ دُونَ غَيْرِهِ فَيُغْنَمُ مَالُهُ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُ ثَمَّ نَعَمْ إنْ شَرَطَ دُخُولَ مَالِهِ وَأَهْلِهِ ثَمَّ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ دَخَلُوا.
(وَكَذَا مَا مَعَهُ) بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
(وَمِنْهُمَا) وَمِثْلُهَا مَا مَعَهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ.
(فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ.
(إلَّا بِشَرْطٍ) نَعَمْ ثِيَابُهُ وَمَرْكُوبُهُ وَآلَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَنَفَقَةُ مُدَّةِ أَمَانَةِ الضَّرُورِيَّاتِ لَا تَحْتَاجُ لِشَرْطٍ وَفِي الرَّوْضَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ دُخُولُ مَا مَعَهُ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَمْعٌ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُؤَمِّنُ غَيْرَهُمَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا يَكُونُ مِنْهُمَا فِي الدَّارِ الَّتِي فِيهَا ذَاتُهُ تَكُونُ التَّبَعِيَّةُ فِيهِ أَقْوَى مِمَّا لَيْسَ بِتِلْكَ الدَّارِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ انْعَكَسَ مَا تَقَرَّرَ بِأَنْ أَمِنَ وَهُوَ بِدَارِهِمْ دَخَلَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ بِهَا وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ إنْ أَمَّنَّهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ وَمَا لَا يَحْتَاجهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِشَرْطٍ فَإِنْ كَانَا بِدَارِنَا دَخَلَا إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ:
يَبْقَى أَمَانُ مَالِهِ وَأَهْلِهِ عِنْدَنَا وَإِنْ نَقَضَ مَا بَقِيَ حَيًّا وَلَهُ دُخُولُ دَارِنَا لِأَخْذِهِ وَلَوْ مُتَكَرِّرًا لَكِنْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ الْكُلِّ دُفْعَةً وَإِلَّا جَازَ قَتْلُهُ وَأَسْرُهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَيَنْبِذُهُ الْإِمَامُ إلَخْ) وُجُوبًا فَلَوْ لَمْ يَنْبِذْهُ هَلْ يَبْطُلُ بِنَفْسِهِ حَيْثُ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ عِلْمِهِ يُمْكِنُ فِيهَا النَّبْذُ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْخَلَلِ الْمُنَافِي لِابْتِدَائِهِ وَكُلٌّ مَانِعُ مِنْ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَ لَوْ طَرَأَ أَفْسَدَ إلَّا مَا نَصُّوا عَلَى خِلَافِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْمُؤَمَّنُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ بَطَلَ أَمَانُهُ) أَيْ: مِنَّا، أَوْ مِنْهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ: فَرْعَهُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُكَلَّفِ) أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ. اهـ. ع ش.
وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُكْتَبَ هَذِهِ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي نَعَمْ إنَّ شَرْطَ إلَخْ ثَمَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ التُّحْفَةُ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِي الْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ: فِي دَارِ الْحَرْبِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَ عَلَى غَيْرِهِمَا فَلَا يَدْخُلَانِ حِينَئِذٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: دَخَلُوا) الْأَنْسَبُ التَّثْنِيَةُ.
(قَوْلُهُ: بِدَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حِيَازَتِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ تَأْمِينُ ذَاتِهِ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ: إذَا أَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ دَخَلَ مَا مَعَهُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَآلَةُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ: فِي حِرْفَتِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا تَحْتَاجُ لِشَرْطٍ) أَيْ: أَمَّنَهُ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، أَوْ غَيْرُهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَجَمْعٌ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى لَوْ انْعَكَسَ.
(قَوْلُهُ: وَجَمْعٌ إلَخْ) وَحَاصِلُ ذَلِكَ دُخُولُ مَا مَعَهُ فِي الْأَمَانِ مِمَّا لَابُدَّ لَهُ مِنْهُ غَالِبًا كَثِيَابِهِ وَنَفَقَةِ مُدَّتِهِ مُطْلَقًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِشَرْطٍ وَمَا خَلَّفَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَشَرَطَ دُخُولَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: بِحَمْلِ هَذَا) أَيْ: مَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ: مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الدُّخُولِ إلَّا بِشَرْطٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ أُمِّنَ) أَيْ: الْحَرْبِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: الْمَوْجُودِ أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُمَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَحْتَاجُهُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَحْتَاجُهُ فَيَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا) أَيْ أَهْلُهُ وَمَالُهُ.
(قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ) أَيْ: أَوْ نَائِبُهُ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَنَا) أَيْ: الْمَوْجُودِينَ فِي دَارِنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِضَ) غَايَةٌ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلْأَمَانِ وَفِي الْأَسْنَى وَمِنْ أَسْبَابِ النَّقْضِ أَنْ يَعُودَ لِيَتَوَطَّنَّ ثَمَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ حَيًّا) وَإِنْ مَاتَ فَوَلَدُهُ الَّذِي عِنْدَنَا إذَا بَلَغَ وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ تُرِكَ وَإِلَّا بُلِّغَ الْمَأْمَنَ وَأَمَّا مَالُهُ الَّذِي عِنْدَنَا فَهُوَ لِوَارِثِهِ الذِّمِّيِّ فَقَطْ دُونَ الْحَرْبِيِّ فَإِنْ فُقِدَ وَارِثُهُ الذِّمِّيُّ فَفَيْءٌ. اهـ.
رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ، ثُمَّ عَادَ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ. اهـ. أَسْنَى.
(وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ) أَيْ حَرْبٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ الَّتِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا كَذَلِكَ.
(إنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) لِشَرَفِهِ أَوْ شَرَفِ قَوْمِهِ وَأَمِنَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ وَلَمْ يَرْجُ ظُهُورَ الْإِسْلَامِ هُنَاكَ بِمُقَامِهِ.
(اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ) إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَكْثُرَ سَوَادُهُمْ وَرُبَّمَا كَادُوهُ وَلَمْ تَجِبْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَلَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِ بَيْنَهُمْ الْقَهْرَ وَالْعَجْزَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَا ظُهُورَ الْإِسْلَامِ بِمُقَامِهِ ثَمَّ كَانَ مُقَامُهُ أَفْضَلَ أَوْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ ثَمَّ وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ كَانَ مُقَامُهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ إسْلَامٍ فَلَوْ هَاجَرَ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ، ثُمَّ إنْ قَدَرَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَدُعَائِهِمْ لِلْإِسْلَامِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ:
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ إسْلَامٍ أَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ قَدَرَ أَهْلُهُ فِيهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ صَارَ دَارَ إسْلَامٍ وَحِينَئِذٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ دَارَ كُفْرٍ وَإِنْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» فَقَوْلُهُمْ لَصَارَ دَارَ حَرْبٍ الْمُرَادُ بِهِ صَيْرُورَتُهُ كَذَلِكَ صُورَةً لَا حُكْمًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ يَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ وَلَا أَظُنُّ أَصْحَابَنَا يَسْمَحُونَ بِذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَى دَارِ إسْلَامٍ فِي مِلْكِ أَهْلِهِ، ثُمَّ فَتَحْنَاهَا عَنْوَةً مَلَكْنَاهَا عَلَى مُلَّاكِهَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَسْكُنُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَقِسْمٌ فَتَحُوهُ وَأَقَرُّوا أَهْلَهُ عَلَيْهِ بِجِزْيَةٍ مَلَكُوهُ أَوْ لَا، وَقِسْمٌ كَانُوا يَسْكُنُونَهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَعَدُّهُمْ الْقِسْمَ الثَّانِيَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا دَارَ إسْلَامٍ كَوْنُهَا تَحْتَ اسْتِيلَاءِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ قَالَ: وَأَمَّا عَدُّهُمْ الثَّالِثَ فَقَدْ يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ الْقَدِيمَ يَكْفِي لِاسْتِمْرَارِ الْحُكْمِ وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ دَارُ كُفْرٍ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعِيدٌ نَقْلًا وَمُدْرَكًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته أَنَّ مَا حُكِمَ بِأَنَّهُ دَارُ إسْلَامٍ لَا يَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ دَارَ كُفْرٍ مُطْلَقًا.
(وَإِلَّا) يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ.
(وَجَبَتْ) الْهِجْرَةُ.
(إنْ أَطَاقَهَا) وَأَثِمَ بِالْإِقَامَةِ وَلَوْ امْرَأَةً وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا لَكِنْ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ كَانَ خَوْفُ الطَّرِيقِ دُونَ خَوْفِ الْإِقَامَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يُطِقْهَا فَمَعْذُورٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الْآيَةَ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» وَخَبَرِ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَيْ مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاسْتُثْنِيَ مَنْ فِي إقَامَتِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِمَّا جَاءَ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْلَمَ قَبْلَ بَدْرٍ وَاسْتَمَرَّ مُخْفِيًا إسْلَامَهُ إلَى فَتْحِ مَكَّةَ يَكْتُبُ بِأَخْبَارِهِمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُحِبُّ الْقُدُومَ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ لَهُ إنَّ مُقَامَك بِمَكَّةَ خَيْرٌ وَالِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ إسْلَامِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا إسْلَامٌ وَلَا عَدَمُهُ وَبِفَرْضِ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ كَانَ آمِنًا غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ فِتْنَةٍ وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ فَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ الْحَافِظَ فِي الْإِصَابَةِ قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ: حَضَرَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ مَعَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ مُكْرَهًا فَافْتَدَى نَفْسَهُ وَعُقَيْلًا وَرَجَعَ إلَى مَكَّةَ فَيُقَالُ: إنَّهُ أَسْلَمَ وَكَتَمَ قَوْمَهُ ذَلِكَ فَكَانَ يَكْتُبُ الْأَخْبَارَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ هَاجَرَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِقَلِيلٍ انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته.